القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
82669 مشاهدة
ما يقال عند النحر أو الذبح

ويقول حين يحرك يده بالنحر أو بالذبح: باسم الله وجوبا، والله أكبر استحبابا، اللهم هذا منك ولك، ولا بأس بقوله: اللهم تقبل من فلان ويذبح واجبا قبل نفل.


هذا يعم كل ذبح. التسمية عامة في كل ذبح سواء ذبح شاة اللحم أو شاة القربان، كل ذبح لا بد أن يذكر فيه اسم الله، ولا يجوز ترك التسمية عمدا، قال الله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أمر بأن يسمى الله عند الذبح ونحوه، وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ثم قال: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ يعني: أكلكم مما لم يذكر اسم الله عليه فسق، وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ فاستدل بهذه الآية على أنه لا بد من التسمية عند الذبح؛ فلذلك يقول الشارح: إن التسمية واجبة؛ باسم الله وجوبا يعني: واجبة، لفظة بسم الله واجبة لا يتهاون بها، وأما كلمة: الله أكبر، فهي مستحبة ليست واجبة فإنما يقولها استحبابا، ولا يقول: بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن المقام ليس مقام رحمة.
ما دام أنه مقام ذبح لهذا الحيوان، ليس مقام رحمة، فلا يناسب الرحمن الرحيم، بل يقول: الله أكبر؛ فالتسمية للتبرك فكأنه يقول: نتبرك بذكر اسم الله على هذا اللحم؛ لتحل به البركة، والتكبير للتعظيم كأنه قال: نكبر الله أي: نعظمه ونجله ونعبده حيث أباح لنا هذا النحر وهذا الأكل من هذه الحيوانات، وهكذا قالوا: باسم الله وجوبا والله أكبر استحبابا. أن يقول: باسم الله والله أكبر، أن التسمية واجبة وأن التكبير مستحب، ولا يقولها هكذا.
العوام لا يفهمون الاصطلاحات، يسمعون الخطيب، خطيب العيد، يقول في خطبة الجمعة أنه يقول عند ذبح الأضحية: باسم الله وجوبا والله أكبر استحبابا، فيأخذون الجملة كلها فيقول عند الذبح إذا أراد أن يذبح يقول: باسم الله وجوبا والله أكبر استحبابا. في نظرهم أن الجملة كلها تقال؛ لأنهم يسمعون هذه الجملة فلا يدرون ما معنى وجوبا ولا معنى استحبابا، فينبه العامي على أنه عند الذبح يقول: بسم الله والله أكبر، وأما الزيادة على ذلك بقوله: اللهم تقبل مني، اللهم تقبل من فلان، وفي بعض الأدعية أنه يقول: اللهم تقبل مني أضحيتي أو هديي كما تقبلت من إبراهيم خليلك ومن محمد نبيك، يجوز أن يقول مثل هذا؛ لأنه دعاء والدعاء بابه واسع. ويقول في الأضحية: اللهم إن هذا منك ولك كذلك أيضا يقول في الهدي: اللهم إنه منك ولك. أي: عطاء أنت الذي أعطيته، وكل ما عندنا فهو من الله ولك. أي: نتقرب به إليك ونذبحه لك أي: لأجل أمرك وطاعتك، وليس معناه أنها لك يعني: من الآن كلها بل إنما نذبحها قربة إلى الله تعالى ثم نأكل منها ونقسم.
الله تعالى يقول: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا لن ينال الله شيء من ذلك، وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ إنما هذا علامة على الإيمان وعلى الاستجابة وعلى التقوى: يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ فكونها من الله وله ظاهر في أنها قربة من العبد، قربة إلى الله تعالى، وهي فضل وكرم من الله تعالى؛ منك ولك، وإذا كان وكيلا فإنه يقول: اللهم تقبل من فلان يعني: صاحبها أو اللهم تقبلها عنه وعن أهل بيته. إذا كانت أضحية أو نحو ذلك. نعم.
.. يعني صاحبها الذي وكله، نعم، يعني: وصاه يعني وكله يعني: أنك مثلا وكلك عبد الله قال: هذه أضحيتي اذبحها عني وعن أهل بيتي ثم إنك عند الذبح قلت: اللهم تقبلها عن عبد الله ابن فلان، عنه وعن أهل بيته هكذا.
.. يذكر الاسم عند الذبح يقول: اللهم تقبلها عن فلانة أو عن فلانة، يمكن إذا نسي يقول: تقبلها عمن هي له وعن من اشتراها وعن من تبرع بها.
.. يسأل عما إذا نسي التسمية، فالصحيح أنه لا يؤثر النسيان؛ لعموم الآية: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا فتباح ذبيحة من نسي التسمية، وأما من تركها عمدا فلا تباح هذا الصحيح. نعم.
.. ويذبح واجبا قبل نفل.
الواجب مثل دم الجبران. إذا ترك مثلا الرمي أو ترك المبيت أو انصرف من عرفات نهارا نقول: عليك دم، نسميه دم جبران واجب، وكذلك لو قتل صيدا وقلنا: عليك دم. عليك أن كما تقدم على الحمامة شاة وعلى الغزال عنز، فهذا نسميه أيضا جزاء صيد. هذا واجب. وكذلك دم التمتع إذا حج متمتعا وقلنا: المتمتع عليه ما استيسر من الهدي، وكذلك القارن فهذا واجب، وهذه تسمى واجبات.
معلوم أن الأضحية: نفل تبرع، سنة، وكذلك هدي التطوع سنة ليس بواجب، فإذا كان عنده واجبات وعنده نوافل بدأ بذبح الواجبات؛ لأنها أبرأ للذمة يعني: لأن براءتها. يعني: لأن ذبحها براءة للذمة، فيبدأ بها ثم بعد ذلك يذبح النوافل الهدي والأضاحي وما أشبها ذلك. نعم.